الصواريخ الفرط صوتية: الثورة التي تعيد تشكيل موازين القوى العسكرية العالمية رسم توضيحي لصاروخ فرط صوتي أثناء اختراقه الغلاف الجوي بسرعة تفوق 5 ماخ (مصدر: تقنية الدفاع الحديثة)

 الصواريخ الفرط صوتية: الثورة التي تعيد تشكيل موازين القوى العسكرية العالمية رسم توضيحي لصاروخ فرط صوتي أثناء اختراقه الغلاف الجوي بسرعة تفوق 5 ماخ (مصدر: تقنية الدفاع الحديثة)



مقدمة: طلقة تُغير قواعد اللعبة

في 15 سبتمبر 2024، أعلنت جماعة الحوثي إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من صنعاء إلى تل أبيب، قطع مسافة 2040 كم في 11.5 دقيقة فقط، أي بسرعة متوسطة 10,600 كم/ساعة. هذه الحادثة لم تكن سوى حلقة في سباق تسلح عالمي محموم، حيث تُعيد الصواريخ "هايبرسونيك" (Hypersonic) تعريف مفهوم الردع العسكري، وتُشكل تهديداً وجودياً لأنظمة الدفاع التقليدية. فما سر هذه الأسلحة التي تجعلها "القاتل المثالي" في القرن الحادي والعشرين؟




الفصل الأول: تشريح السرعة الخارقة

1. ما هي السرعة الفرط صوتية؟

 * تعريف علمي: أي جسم يتجاوز سرعته 5 ماخ (Mach 5)، أي خمسة أضعاف سرعة الصوت (6,174 كم/ساعة).

 * ظاهرة البلازما: عند هذه السرعة، تتفكك جزيئات الهواء حول الصاروخ لتتحول إلى طبقة بلازما متأينة، تعمل كـ"عباءة تخفّي" تمنع رصده بالرادارات التقليدية.

 * مقارنة بالصواريخ الأخرى:

   * الباليستية: تتبع مساراً قوسياً متوقعاً (مثل قذيفة المدفع)، وتصل سرعتها إلى 24,000 كم/ساعة خارج الغلاف الجوي.

   * كروز: تطير بسرعات دون صوتية (أقل من 1 ماخ) على ارتفاعات منخفضة جداً.

2. التصميم الهندسي المعجزة

 * المحركات النفاثة الفرط صوتية (Scramjet): تختلف عن المحركات التقليدية بأنها لا تحتوي أجزاء دوارة، بل تعتمد على ضغط الهواء بسرعات خارقة للاحتراق.

 * المواد الحرارية الفائقة: تُصنع الأجزاء الأمامية من سبائك سيراميكية متعددة الطبقات مثل كربيد الزركونيوم (Zirconium Carbide) التي تتحمل حرارة تزيد عن 3,000°م.

 * نظام التوجيه الكمومي: تستخدم أحدث نماذج الصواريخ جييروسكوبات ليزرية (Ring Laser Gyroscopes) تتحمل قوى جي 50 أثناء المناورة.



الفصل الثاني: معركة التصنيع العالمية

1. القوى العظمى في السباق

 * الولايات المتحدة: تعتزم نشر أول صاروخ فرط صوتي بعيد المدى (LRHW) بحلول سبتمبر 2025، بعد اختبارات ناجحة في كيب كانافيرال بسرعات 5+ ماخ.

 * روسيا: تمتلك "أفانغارد" (Avangard) بسرعة 27 ماخ (33,000 كم/ساعة) و"كينجال" (Kinzhal) المستخدم في أوكرانيا.

 * الصين: طورت مركبة انزلاقية دي إف-زد إف (DF-ZF) قادرة على ضرب حاملات الطائرات عبر هجمات "الموجات الثلاث" المتتالية.

2. اللاعبون الإقليميون

 * إيران: كشفت عام 2022 عن صاروخ "فتاح" (Fattah) الفرط صوتي، و"خيبر شكن" بمدى 1,450 كم، واستخدمته في ضربات ضد إسرائيل.

 * كوريا الشمالية: أجرت 7 اختبارات ناجحة لصواريخ هاواسون-8 (Hwasong-8) منذ 2023.



الفصل الثالث: لماذا تُقلق هذه الصواريخ الخبراء؟

1. ثغرات في أنظمة الدفاع

 * اختراق طبقات الاعتراض: تجمع بين:

   * سرعة الصواريخ الباليستية

   * قدرة صواريخ كروز على المناورة المتطورة أثناء الطيران

 * فجوة الرادارات: سحابة البلازما تمتص موجات الراديو، مما يخفض زمن التحذير من 30 دقيقة إلى 30 ثانية.

2. تأثيرات استراتيجية

 * تقويض الردع النووي: قدرتها على حمل رؤوس نووية تخلق "معضلة الضربة الأولى"، خاصة مع صواريخ مثل الروسية "أفانغارد".

 * تغيير حسابات الصراع: كما في الهجوم الإيراني على إسرائيل (أكتوبر 2024)، حيث استُخدمت الصواريخ الفرط صوتية لتخطي أنظمة "القبة الحديدية".


الفصل الرابع: التحديات التقنية الباهظة

1. عوائق التصميم

 * الاحتكاك الجوي الجهنمي: عند 7 ماخ، تصل حرارة الأنف إلى 2,200°م – كافية لصهر الفولاذ.

 * مشكلة الاتصالات: طبقة البلازما تعيق موجات الراديو، مما يتطلب تقنيات اتصال ليزرية أو كمومية باهظة الثمن.

 * محركات سكرامجيت: تتطلب بدء التشغيل بسرعات 3 ماخ أولاً، مما يستلزم صواريخ داعمة معقدة.

2. التكلفة المالية الفلكية

 * مقارنة بالصواريخ التقليدية:

النوع التكلفة (مليون $) المدة التطوير (سنوات)
صاروخ كروز 1.5 5
فرط صوتي +40 +10

 * ميزانية السوق: توقعات نمو سوق الصواريخ الفرط صوتية إلى 85.22 مليار دولار بحلول 2029.


الأسئلة الشائعة 

س 1: هل يمكن اعتراض الصواريخ الفرط صوتية؟

ج: حالياً، لا توجد أنظمة دفاع فعّالة ضده بسبب سرعتها ومناورتها. لكن الولايات المتحدة تطور ليزرات "داي إيل" (DEYEL) ذات طاقة 300 كيلوواط لهذا الغرض.

س 2: ما الفرق بينها وبين الصواريخ الباليستية التقليدية؟

ج: الصواريخ الباليستية تتبع مساراً قوسياً متوقعاً، بينما الفرط صوتية تطير بمسار منخفض ومتغير مع قدرة على المناورة المفاجئة.

س 3: لماذا لم تُستخدم في الحرب العالمية الثانية؟

ج: التصاميم الأولية مثل "Silbervogel" الألمانية كانت نظرية فقط بسبب قيود المواد والتكنولوجيا آنذاك.

س 4: هل يمكن أن تحمل رؤوساً غير نووية؟

ج: نعم، مثل صاروخ "الحاج قاسم" الإيراني الذي يحمل 500 كغم متفجرات تقليدية.

الخاتمة: مستقبل لا يُحاكى

الصواريخ الفرط صوتية ليست مجرد أسلحة أسرع، بل هي تحول جيوسياسي متجسد:

 * عسكرياً: تجعل الدفاع أكثر تكلفة من الهجوم، وتُعيد تعريف "الحدود الآمنة".

 * تقنياً: تدفع باتجاه مواد ومحركات ثورية ستُحدث تغييرات مدنية لاحقاً.

 * استراتيجياً: تُعيد تشكيل تحالفات الدول، حيث أصبح امتلاكها ورقة ضغط لا تُقاوم.

> "في حرب المستقبل، سيكون الفائز مَن يضرب أولاً.. والخاسر مَن لم يسمع حتى صوت الضربة القادمة"

> – تحليل مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة (2025)


المحترف العراقي للمعلوميات
المحترف العراقي للمعلوميات
تعليقات